أقصى مدة لبعد الزوج عن زوجته
أقصى مدة لبعد الزوج عن زوجته هو موضوع من المواضيع الدينية المهمة بالنسبة للكثير من المسلمين، حيث تُعدّ هذه القضية أو المسألة الفقهية من المسائل الفقهية التي يجب النظر فيها والتعرف على رأي الشرع الإسلامي فيها، لأن غياب الزوج غير المبرر عن زوجته قد تكون عواقبه وخيمة، وفي هذا المقال سوف نقوم بالحديث عن حكم غياب الزوج عن زوجته مدة طويلة وسوف نمر على أقضى مدى يمكن للزوج أن يغيبها عن زوجته وسوف نمر على ما تفعل الزوجة إذا طالت مدة غياب زوجها وغير ذلك من الأمور التي تتعلق بهذا الموضوع.
حكم غياب الزوج عن زوجته مدة طويلة
إنّ غياب الزوج المسلم عن زوجته مدة طويلة لا يؤثر على زواجها بها أو على عقد النكاح إلّا إذا اشتكت إلى القاضي الشرعي فقام بفسخ عقد النكاح، لأنّ الواجب على المسلم ألّا يطيل الغياب عن زوجته، لأنّ الغياب عن الزوجة من غير عذر لا يجوز في الشرع الإسلامي، والواجب على المسلم المتزوج أن يحسن معاشرة زوجته، قال تعالى في سورة النساء: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا ۖ وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}.
وجدير بالقول إنّ عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وقّت لغياب الزوج عن زوجته ستة أشهر، وقال إنّ الأفضل ألّا يطيل الزوج الغياب وأن يحاول ما استطاع أن يقصر هذه المدة وألّا يطيلها، فهذا أحوط وأفضل درءًا للفتنة واتقاءً للشرور والمعاصي والآثام، وإذا كان الغياب لا بد أن يكون طويلًا لعمل أو غير ذلك، فالأفضل أن يزور الرجل زوجته بين الحجين والآخر، والله أعلم.
شاهد أيضًا: لماذا نهى النبي عن استلقاء المسلم على ظهره مع رفع إحدى الرجلين على الأخرى
أقصى مدة لبعد الزوج عن زوجته
حدد أهل العلم أنّ أقصى مدة لغياب أو بعد الزوج عن زوجته ولو بغير رضى الزوجة هي 6 أشهر، وذلك لما ورد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث سأل ابنته حفصة: “كم تصبر المرأة عن زوجها؟ فقالت: خمسة أشهر، ستة أشهر، فوقَّتَ للناس في مغازيهم ستة أشهر”، وجاء عن ابن قدامة صاحب كتاب المغني رحمه الله تعالى: “سئل أحمد أي ابن حنبل رحمه الله: كم للرجل أن يغيب عن أهله؟ قال: يروى ستة أشهر”، وقال الحنابلة: “وإن لم يكن للمسافر عذر مانع من الرجوع وغاب أكثر من ستة أشهر فطلبت قدومه لزمه ذلك”.
ويرى آخرون من أهل العلم أنّه إذا كان غياب الزوج عن زوجته برضاها ولطلب لقمة العيش، وكانت الزوجة في مكان آمن لا خوف عليها فيه، فيجوز له أن يبقى ثلاث سنوات أو أقل أو أكثر، قال ابن عثيمين رحمه الله تعالى: “وإذا غاب الزوج عنها لطلب العيش برضاها وكانت في مكان آمن لا يخشى عليها شيئاً فإن ذلك لا بأس به، لأن الحق لها فمتى رضيت بإسقاطه مع كمال الأمن والطمأنينة فلا حرج في تغيبه لمدة ثلاث سنوات أو أقل أو أكثر أما إذا طالبت بحضوره فإن هذا يرجع إلى ما لديهم من القضاة يحكمون بما يرونه من شريعة الله عز وجل”.
شاهد أيضًا: قصة المائدة التى طلبها سيدنا عيسى وما هو الطعام الذى نزل عليها
أقوال العلماء في مدة غياب الزوج عن زوجته
وردت الكثير من الأقوال من أهل العلم في مسألة غياب الزوج عن زوجته، ومن هذه الأقوال ما سيأتي ذكره في النقاط الآتية:
- قال الشيخ عطية صقر رحمه الله تعالى: “لئن كان عُمرُ جعلَ أمدَ البعد أربعة أشهر في بعض الروايات، فلعل ذلك كان مناسبًا للبيئة والظروف التي ينفذ فيها هذا القرار، والبيئات والظروف مختلفة، والشعور بالبعد يختلف بين الشباب والكبار، ويختلف من زوجة لديها دين وخلق قوي إلى من ليس عندها ذلك، والزوج هو الذي يعرف ذلك ويقدره”.
- وقال الشيخ ابن جبرين: “قد حدد بعض الصحابة غيبة الزوج بأربعة أشهر، وبعضهم بنصف سنة، ولكن ذلك بعد طلب الزوجة قدوم زوجها فإذا مضى عليها نصف سنة وطلبت قدومه وتمكن؛ لزمه ذلك، فإن امتنع فلها الرفع إلى القاضي ليفسخ النكاح، فأما إذا سمحت له زوجته بالبقاء ولو طالت المدة وزادت على السنة أو السنتين فلا بأس بذلك، فإن الحق لها وقد أسقطته فليس لها طلب الفسخ ما دامت قد رضيت بغيابه، وما دام قد أمن لها رزقها وكسوتها وما تحتاجه”.
ما تفعل الزوجة إذا طالت مدة غياب زوجها
يرى أهل الفقه والدين أنّه إذا طالت مدة غياب الزوج عن الزوجة أكثر من ستة أشهر، صار مُباحًا وجائزًا للزوجة أن ترفع أمرها للقاضي، ليقوم القاضي بمراسلة الزوج وأمره بالعودة، فإذا لم يرجع الزوج فإنّ هذا يبيح للقاضي تطليق الزوجة من زوجها وفسخ عقد النكاح بغض النظر عن سبب سفر الرجل، والفرق في سبب السفر هو أنّ السبب يحدد ما إذا كان الرجل آثمًا في غيابه أم غير آثم، فإذا لم يرجع الزوج إلى زوجته من سفره بغير عذر فهو آثم، وإذا لم يرجع وكان له سبب في ذلك فلا يأثم، جاء في كتاب كشف القناع: “ولو سافر الزوج عنها لعذر وحاجةٍ سقط حقها من القسم والوطء وإن طال سفره ، للعذر وإن لم يكن للمسافر عذر مانع من الرجوع وغاب أكثر من ستة أشهر فطلبت قدومه لزمه ذلك”، والله أعلم.
إلى هنا نختم هذا المقال الذي ألقينا فيه الضوء على حكم غياب الزوج عن زوجته مدة طويلة ثثم تحدثنا عن أقصى مدة لبعد الزوج عن زوجته ومررنا فيه بالتفصيل على أقوال العلماء في مدة غياب الزوج عن زوجته وختمناه بالحديث عن ما يجوز للزوجة فعله إذا طالت مدة غياب الزوج عنها.