حكم كشف الوجه في المذاهب الأربعة

حكم كشف الوجه في المذاهب الأربعة

حكم كشف الوجه في المذاهب الأربعة الذي يناقش مدى تكريم الإسلام للمرأة وتقديرها وتصويرها بالجوهرة الثمينة التي يجب أن تكون محمية ومحفوظة في معزل عن الأعين، وقد فرض الله عليها ارتداء الحجاب الشرعي بغية الحفاظ عليها وحماية مفاتنها، ومع ذلك هناك بعض الاختلافات في الرأي حول مشروعية كشف وجه المرأة من عدمه التي أيد بعضها كشف الوجه وعارض بعضها ذلك الأمر.

حكم كشف الوجه في المذاهب الأربعة

اختلفت المذاهب الأربعة الإسلامية فيما بينها حول تحديد جواز كشف المرأة وجهها من عدمه، وقد كان الحكم في كشف وجه المرأة كما يلي:

  • المذهب المالكي: يرى أئمة المذهب المالكي أن كشف وجه المرأة حرام، وأن وجهها عورة مثله في ذلك مثل سائر أجزاء جسدها، ولا يجوز إظهار أي منهما، حتى الصوت والأظافر يرى المالكيون أنهما عورة.
  • المذهب الشافعي: يتفق الشافعيون مع المذهب المالكي في اعتبار وجه المرأة عورة ويحرم ظهوره، وقد صرح الإمام البيضاوي أحد أشهر شيوخ الشافعية أن كل بدن المرأة الحرة عورة ولا يحل ظهوره إلا لزوجها ومحارمها، كما استند الشافعية إلى أن آية فرض الحجاب على المرأة تشير بوضوح إلى ضرورة تغطية وجهها.
  • المذهب الحنفي: يرى أئمة المذهب الحنفي أن كشف وجه المرأة الشابة قد يتسبب في حدوث فتنة، وبذلك فقد أقروا بعدم جواز كشف وجه المرأة إلا للضرورة القصوى، وقد أجاز الحنفيون نظر الرجل إلى وجه المرأة الأجنبية عنه حتى إذا كانت من الكافرات إذا اضطر الأمر ذلك، ولكن تم التشديد على عدم كشف وجه المرأة تجنبا للفتنة.
  • المذهب الحنبلي: انقسم أئمة الحنابلة في تحديد جواز كشف وجه المرأة من عدمه، حيث رأي بعضهم جواز كشف المرأة للوجه والكفين مع تفضيل سترهما، في حين رأى البعض الآخر أنه لا يجوز كشف وجه المرأة إلا إذا استدعت الضرورة ذلك، نظرا لرؤيتهم أن الوجه والكفين يعتبران عورة كسائر جسد المرأة.

شاهد أيضًا: ما هو الطعام الذي يجوز أكله ويحرم بيعه

هل النقاب فرض؟

حدد الإسلام العديد من المواصفات التي لا بد أن تلتزم بها النساء المسلمات حال اختيارهن للزي الشرعي الإسلامي، ومن أبرز مميزاته أن يكون ساترا لكافة أجزاء الجسم، أما فيما يخص ارتداء النقاب لتغطية الوجه فقد أجمع جمهور العلماء على أن تغطية الوجه ليس فرضا.

ويجوز إظهاره دون أن تأثم وذلك استنادا لقوله تعالى “وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا” وقد تم تفسير الزينة الظاهرة على أنها وجه المرأة، فقد كلف الله سبحانه وتعالى المرأة المسلمة بضرورة تغطية الرأس حتى الصدر، كما جاء في قوله تعالى ” وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ”، ولو كان المقصود في تلك الآية تغطية الوجه، يتم التصريح به بشكل قاطع دون جدال.

روت السيدة عائشة رضي الله عنها أيضا أن أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم وَعَلَيْهَا ثِيَابٌ رِقَاقٌ فَأَعْرَضَ عَنْهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم وَقَالَ: «يَا أَسْمَاءُ، إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتِ الْمَحِيضَ لَمْ يَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلا هَذَا، وَهَذَا» وَأَشَارَ إِلَى وَجْهِه وَكَفَّيْهِ”.

هل وجه المرأة وكفيها عورة

جاء في صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “لا تَنْتَقِبُ الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ وَلا تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ” ويعد ذلك الحديث دليلا واضحا على أن وجه المرأة وكفيها لا يعتبران عورة، حيث تم الاتفاق على جواز صلاة المرأة وإحرامها بالوجه والكفين.

حيث لا يمكن أن يبيح الشرع كشف الوجه في الصلاة والإحرام إذا تم اعتباره عورة، وعلى ذلك يمكن القول بأن تغطية الوجه والكفين أمر مباح ولكن لا يعتبر فرضا، حيث أن تغطية الوجه والكفين أمر جائز ولكن حال الاكتفاء بالحجاب الشرعي فقط مع كشف وجهها فلا إثم في ذلك.

مواصفات الحجاب الشرعي

هناك مجموعة من السمات التي لا بد أن تتوافر في حجاب المرأة المسلمة ليصبح متفقا مع الحجاب الذي أمر الله به المرأة، وألا تنقص من تلك المواصفات شيء حتى لا تأثم، ومن أبرز مواصفات الحجاب الشرعي ما يلي:

  • أن تكون الملابس فضفاضة: حيث يجب أن تكون الملابس الشرعية فضفاضة غير ضيقة ولا تكشف تفاصيل أي جزء من البدن، حيث أن الحجاب لا يقتصر على ستر شعر الرأس فقط، بل لا بد أن يشمل سائر البدن.
  • ألا يكون الحجاب شفافا ورقيقا: حيث ألا يصف الحجاب ما هو موجود تحته، لأنه بذلك يتنافى مع مفهوم الستر ويعتبر مثير للفتنة ونظرات الرجال الأجانب.
  • تجنب التشبه بملابس الرجال: حيث ينهانا الدين الإسلامي عن ارتداء المرأة للملابس التي تجعل مظهرها شبيها بمظهر الرجال وذلك استنادا لحديث رسول الله الذي رواه عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال “لعنَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ؛ المتشبِّهاتِ بالرِّجالِ منَ النِّساءِ والمتشبِّهينَ بالنِّساءِ منَ الرِّجالِ”، ويشير الحديث إلى عدم جواز تشبه أي من الجنسين بالآخر في المظهر والجوهر.
  • ألا تكون ملابس الحجاب لباس شهرة: حيث يجب ألا يتم الإفراط في الظهور بمظهر الأثرياء والتفاخر المبالغ به في المظهر.
  • ألا تكون ملابس الحجاب مثل ملابس الكفار: حيث يجب ألا تتشبه المرأة المسلمة في ملابسها بأهل الفسق، وألا تحتوي على رسوم للصليب أو صور ذات دلالات على الكفر، أو كلمات إذا تم ترجمتها تصبح ذات معاني تشير إلى الفسق.
  • أن تخلو الملابس من رائحة العطور: حيث يعد العطر من طرق الفتنة التي قد تجذب الرجال الأجانب نحو المرأة، لذلك لابد من خلو ملابس المرأة المسلمة من العطور كأحد طرق الستر والاحتشام.

شاهد أيضًا: هل يجوز الترحم على المنتحر

لماذا فرض الله الحجاب على المرأة؟

إن الفرائض التي أنزل بها الله سبحانه وتعالى على العباد لا بد من الانصياع لها دون أسباب، حيث أن الامتثال لأوامر الله جزء لا يتجزأ من عبادته، وعلى الرغم من ذلك تأتي الفرائض بمجموعة من الفوائد للعباد، وكانت أهم فوائد الحجاب ما يلي:

  • يعتبر الحجاب أحد طرق الطاعة لله ورسوله، حيث فرض الله الحجاب على المسلمات، كما حثنا النبي الكريم على ارتداء الحجاب أيضا.
  • وعلى لذلك لابد من طاعة أوامرهما كما جاء في قوله تعالى “وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِينًا”.
  • وصف الحجاب بأنه أحد شعب الإيمان، حيث ذكر الله تعالى فرضية الحجاب في العديد من الآيات على أنه من صفات المرأة المؤمنة، وذلك كما جاء في قوله تعالى ” يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ”.
  • يطهر الحجاب قلوب النساء والرجال على حد سواء، حيث يغرس الحجاب في قلب المرأة الرغبة في الستر والعفاف، كما يبتعد بقلب الرجل عن الفتنة، ويعلمه غض البصر، وذلك كما جاء في قوله تعالى “وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ”.
  • يعتبر الحجاب إحدى صور العفة، حيث لا يجرؤ أحد على النيل من المرأة المتعففة الملتزمة بحجابها المدركة أصول دينها، وذلك في قوله تعالى ” ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ”.
  • الحجاب من الحياء، حيث أن الحجاب يعزز الحياء داخل المرأة وحثها على الفضيلة، ونبذ الرذيلة داخلها.
  • الحجاب يعزز الغيرة داخل قلب الرجل المسلم الذي يغار على نسائه ولا يتركهن عرضة للتبرج ويأثم لذلك الأمر.
  • الحجاب أحد سبل التقوى والتحلي بالفضيلة وتجنب الرذيلة، وذلك كما جاء في قوله تعالى “(يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ۖ وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ۚ ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ”.

على ذلك تم التعرف على حكم كشف الوجه في المذاهب الأربعة ، حيث تم عرض رأي جمهور الأئمة داخل كل مذهب، كما تم التعرف على احتمالية اعتبار النقاب أو تغطية الوجه فرض من عدم فرضيته مع الاستعانة بالقرآن والسنة، وتم توضيح أهم المواصفات التي يجب أن تتوفر في ملابس الحجاب الشرعي للمرأة، بالإضافة للفوائد التي تعود على المرأة المسلمة نتيجة ارتداء الحجاب الشرعي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *